✤ لازال الحديث يتتابعُ في أجواء قانون المكر، وفي الحلقة السَّابقة ذكرتُ عشرينَ عنواناً، عشرينَ موقفاً ومُعطىً من المُعطيات اقتطفتُها مِن سيرة المعصومين عليهم السلام هي تطبيقات ومصاديق لقانون المكر.
والمُراد من المكر، هو المكر الرّحماني في مواجهة المكر الإبليسي.
✤ في هذه الحلقة سأستمرّ في ذكر مُعطيات أُخرى كي تتّضح الصّورة أكثر فأكثر.. من هذه المعطيات:
● رواية عن الإمام الصَّادق في الجزء الثّاني من كتاب تهذيب الأحكام.. واختلاف أصحاب الأئمة في مسجدٍ واحد في أوقات صلاة الظّهر والعصر..(ربّما دخلتُ المسجد وبعض أصحابنا يُصلّي العَصر وبعضهم يصلّي الظُّهر، فقال: أنا أمرتهم بهذا، لو صلّوا على وقتٍ واحد لعُرِفُوا فأخذوا برقابهم) ..
وروايات أخرى في علل الشّرائع وفي الكافي الشَّريف في هذا السّياق.
✤ هناك قضيّة بالغة الأهميّة ، وهي أنّ حديث أهل البيت عليهم السَّلام وسيرتهم كما هو القُرآن.. فكما أنّ القُرآن فيه مُحكم ومُتشابه، وناسخ ومنسوخ، فكذلك سيرةُ أهل البيت عليهم السَّلام وأقوالهم، وأفعالهم فيها مُحكم ومُتشابه وناسخ ومنسوخ.
● رواية إمامنا الزّاكي العسكري عليه السَّلام في الخرائج .. حين خرج منه توقيع يُحذّر فيه شيعته من السّلام عليه، ولو بالإيماء والإشارة: (ألا لا يُسلّمنَّ عليَّ أحدٌ، ولا يُشيرُ إليَّ بيده، ولا يُومِئ أحدكم، فإنَّكم لا تأمنون على أنفسكم)
● في الأحاديث الَّتي تتناول الشّؤونات المهدويّة، هُناك قانون يُمكن أن نصطلح عليهِ بقانون (الأماني).. وهو ما تحدّث عنه الإمام الكاظم عليه السلام مع عليّ بن يقطين: (يا علي إنَّ الشّيعة تُربى بالأماني منذُ مائتي سنة…)
✤ في قانون الأماني تأتي الأحاديث المهدويّة بشكلٍ يُمكن تطبيقُها في كُلّ قرنٍ مِن القُرون، وإلّا لقستْ القلوب.
✤ لو بلغ الشّيعة إلى هذا الحد وهذا المُستوى (أنَّ الغيبة تكون عندهم بمنزلة المُشاهدة) لَما احتاج الشّيعة إلى قانون الأماني، ولَما نسج الأئمة حديثهم بهذه الصّورة، وفقاً لقانون الأماني.
وقانون الأماني هو أيضاً جزء وتطبيق مِن قانون المكر الرّحماني.
✤ عرض مجموعة من النّصوص الَّتي تتحدّث عن الرّايات الَّتي تخرج قبل ظُهور إمام زماننا عليه السلام.
● الرّواية الواردة في مُقدّمة الصّحيفة السّجاديّة في رواية المُتوكّل بن هارون:
(ما خرجَ ولا يخرجُ منَّا أهْل البيت إلى قيام قائمنا أحد ليدفعَ ظُلْماً، أو يُنعِش حقَّــاً، إلَّا اصطلمتْهُ البليَّة، وكانَ قيامهُ زيادةً في مَكروهنا وشِيعتنا)
● (لا أزالُ أنا وشيعتي بخير ما خرجَ الخارجيُّ مِن آل مُحمَّد، ولوددتُ أنَّ الخارجيَّ مِن آل مُحمَّدٍ خرجَ وعليَّ نفقةُ عياله) لكل رواية مِن هذه الرّوايات حيثيّاتُها، ولكن كُلّ ذلك يقع تحت خيمة (المكر الرّحماني).
✤ لو ذهبنا نتتبّع وصايا أهل البيت عليهم السلام لأصحابهم في السّكوت أو في الكلام، وصاياهم لأصحابهم في أن يتحدّثوا بنطاق ضيّق، أو يجلسون في المساجد العامّة ويُحدّثون النّاس..
مواقفهم وطريقة تعاملهم مع سلاطين وحُكّام عصرهم.. مع الفِرَق المُختلفة والمُتضادّة ..
لو أردنا أن نتتبّع كُل هذه التّفاصيل لوجدنا تطبيقاً واضحاً لقانون المكر الرّحماني.
✤ المكر الرّحماني هو أُسلوب مِن أساليب الاحتراز، وحماية لأولياء أهل البيت، ونماء داخل مجموعة الأولياء.
● رواية الإمام الباقر مع جابر الجعفي في كتاب (رجال الكشّي) .. حِين أمر الإمام الباقر صلوات الله عليه جابر الجعفي – وهو من خواصّ الأئمة، وحمَلة الأسرار- أن يتظاهر بالجنون في فترة زمانية معيّنة..
● الأئمة في بعض الأحيان يستعملون الجان والبشر والملائكة، في مُواجهة المَكْر الإبليسي..[عرض روايات من حديث العترة تُبيّن هذه الحقيقة]:
□ رواية الإمام الباقر مع جابر الجعفي الموجودة في الجزء الأوّل من الكافي الشَّريف – وكذلك رواية معتب مولى الإمام الصّادق في بحار الأنوار).
□ رواية زيد بن عليّ بن الحسين في الكافي الشَّريف .. حين أراد الخروج لقتال أهل الشّام ..
( يا أبا جعفر ما تقول ان طرقكَ طارقٌ منّا أتخرجُ معه؟ فقلتُ له: إنْ كانَ أباكَ أو أخاك، خرجتُ معهُ، فقال لي: فأنا أريدُ أن أخرج أجاهد هؤلاء القوم فأخرج معي….)
□ رواية زيد بن عليّ بن الحُسين مع الفضيل بن يسار في عيون أخبار الرّضا..
(انتهيتُ إلى زيد بن علي عليهِ السَّلام صبيحةَ خرجَ بالكوفة، فسمعته يقول: مَن يُعِينُني مِنكم على قتالِ أنباط أهْل الشَّام…)
✤ أئمتُنا صلواتُ الله وسلامه عليهم كانوا يُؤسّسون لاتّجاهين في نفس الوقت:
● كانوا يُؤيّدون بشكلٍ مُباشر وغير مُباشر المجموعات الَّتي تنهض في وجه السّلطة.
● وكانوا في الاتّجاه الآخر يأمرون أصحابهم بالتّقية.
وجميع هذه الاتّجهات والمُعطيات ينظمُها خيط واحد وهو قانون المكر.
● رسالة الإمام الصَّادق صلواتُ الله عليه إلى زرارة .. وهي رسالة طويلة وغاية في الأهميّة، رسالة تشتمل على حقائق واضحة جدّاً .. ولو جِئت بهذه الرّسالة لوحدها، وشرحت ألفاظها وما جاء فيها، لكانتْ كافية في بيان قانون المَكر.. ولكنّي جئتُ بمعطيات أكثر لأُبين أنّ منهج (لحن القول) يحتاج إلى موسوعيّة في الحديث.
✤ (راجعوا الحلقة الَّتي أشرتُ فيها إلى أهمّ مُفرداتِ لحن القول، والَّتي ذكرتُ فيها أنَّ أهمّ مُفردات لحن القول هو الموسوعيّة في الحديث).
✤ في الحلقة القادمة سأتناول ما جاء مِن مدح وقدح في شخصيّة المُختار.
برنامج الثائر الحسيني الوفي المختار الثقفي
أضف تعليقك