بحث مخصّص

✤ في هذه الحلقة سأشير إلى عدّة نقاط تكون مهمّة جدّاً في فهم ما أريد بيانه في الحلقات القادمة.
❂ النقطة (1) : منهجية لحن القول.. والكلام الذي سأتناوله في هذه الحلقات في بيان معاني الصلاة.
■ هناك ملاحظة مهمّة جدّاً ترتبط بمنهجية (لحن القول) وهي أساسية في اعتقادي وتصوّري وفهمي، وهي:
أنّ الأصل فيما جاءنا من أحاديث أهل البيت في المصادر الحديثية المعروفة بين الشيعة الأصل فيها الصحة حتّى يثبت ما يخالف الصحّة. والأصل في آراء العلماء والفقهاء والمفكّرين والمراجع عدم الصحّة حتّى نُثبت صحّتها.
بالنسبة لعلمائنا ومراجعنا ومفكّرينا هم على منهج الكتاب والعترة ولكنّهم ليسوا معصومين.. فالأصل في قول غير المعصوم عدم الصحّة حتّى يثبت أنّه على الصحّة.
❂ النقطة (2): فيما يرتبط بعنوان هذا البرنامج وهو [الكتاب الناطق] الذي يُمثّل الجزء 3 من ملف الكتاب والعترة
✤ وقفة مع حديث إمامنا الباقر مع سعد الخفّاف في [الكافي الشريف: ج2] قال: (يا سعد تعلّموا القرآن – من أهله أي من آل محمّد – فإنّ القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق والناس صفوف….
.. قال قلتُ: جُعلتُ فداك يا أبا جعفر.. وهل يتكلّم القرآن؟ فتبسّم ثمّ قال: رحم الله الضُعفاء من شيعتنا إنّهم أهل تسليم، ثمَّ قال: نعم يا سعد، والصلاة تتكلّم ولها صورةٌ وخلْق تأمرُ وتنهى، قال سعد: فتغيّر لذلك لوني وقلتُ، هذا شيء لا أستطيع أتكلّم به في الناس، فقال أبو جعفر: وهل الناس إلّا شيعتنا، فمَن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقّنا..).
■ القرآن لو كان حجّة واضحة لَما نهى أمير المؤمنين ابن عبّاس أن يحتجّ به على الخوارج لأنّه حمّال وجوه .. القرآن حجّة واضحة إذا أُخذ من أهل البيت عليهم السلام.
❂ النقطة 3: تُجملها كلمة الإمام الصادق عليه السلام: (للصلاة أربعة آلاف حد) وفي رواية (للصلاة أربعة آلاف باب) والأربعة إشارة إلى الأركان الأربعة، أي من جميع الجهات.
■ وقفة عند رواية الإمام الصادق عليه السلام (قال رسول الله “صلّى الله عليه وآله”: الصلاة ميزان، مَن وفّى استوفى).
❂ النقطة (4): قول الامام الصادق: (لكَ مِن صلاتك ما أقبلتَ عليه) هذا هو الذي يُحسب لكَ من صلاتك.
● يقول الإمام الرضا عليه السلام: (ربّما لم يُرفع مِن الصلاة إلّا النصف، أو الثلُث، أو السُدُس، على قدْر إقبال العبد على صلاته، وربّما لا يُرفع منها شيء، تُردُّ في وجْهه كما يُردُّ الثوب الخلق، وتُنادي: ضيّعتني، ضيّعك الله كما ضيعتني، ولا يُعطي الله القلب الغافل شيئاً)
✤ وقفة أتحدّث فيها بشكل موجز ومُجمل عن معنى الإقبال في الصلاة:
✱ المستوى (1): الإقبال بالتوجّه إلى معاني ألفاظ الصلاة.
✱ المستوى (2) الاقبال الثاني يُمكن أن أصطلح عليه بـ (الحضور المعنوي).
✤ هذه هي أجواء الإقبال على الصلاة بحسب الواقع الشيعي الذي نعيشه، أمّا الإقبال على الصلاة بحسب أجواء آل محمّد صلوات الله عليهم فسيأتينا تفصيل ذلك، ولكنّني بالمُجمل سآخذكم في جولة سريعة في كتاب [مفاتيح الجنان]
سأعرض بين أيديكم أمثلة شائعة من الثقافة التي لا تمتّ إلى أهل البيت بصلة.
★ المثال (1) : قضيّة استنطاق القرآن، أو محاورة القرآن، وهذه ثقافة لا تمتّ بأي صلة لمنطق أهل البيت صلوات الله عليهم، فسيّد الأوصياء في الخطبة 158 في نهج البلاغة يقول:
(ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق، ولكن أُخبركم عنه) ثُمّ يُبيّن الإمام عليه السلام ويقول: (ألا إنّ فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي ونظم ما بينكم ودواء دائكم) الإمام يقول (فاستنطقوه) ليُبيّن لنا عجزنا عن استنطاقه.
● وفي موطن آخر يقول عليه السلام وهو يتحدّث عن الوجود الّلفظي للقرآن: (وهذا القرآن إنّما هو خطّ مستور بين الدفّتين لا ينطق بلسان، ولا بدّ له مِن ترجمان، وإنّما ينطق عنه الرجال) هؤلاء الرجال الذين ينطقون عن القرآن هم الأعراف الذين يعرفون كلّ شيء ” وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم”
★ المثال (2) : من الأمثلة التي لا تمتّ إلى ثقافة أهل البيت بصلة: عبارة شائعة في الوسط الشيعي تقول:
(أنّ كلام عليّ فوق المخلوقين ودون كلام الخالق).. الذي ورد عن أهل البيت هو أنّ حديثهم هو قول الله عزّ وجل، كما يُبيّن ذلك قول الإمام الصادق عليه السلام: (حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله، وحديث رسول الله “صلّى الله عليه وآله” قول الله عزّ وجل)
★ المثال (3) : (صاحب العصر والزمان)، وهذه الصيغة لم ترد عن أهل البيت وإنّما الصيغة الواردة عن أهل البيت هي “صاحب الأمر والزمان” أو “صاحب الزمان” أو “صاحب الأمر”.
★ المثال (4) : هذه الكنية (أبو صالح) الشائعة على ألسنة الشيعة والشعراء والخطباء والمراجع.. هل هناك من كنية لإمام زماننا في حديث العترة أنّه أبو صالح ؟! الجواب كلا، وإنْ ادّعى أحد ذلك فليأتِ بمصدر.
كنية الإمام الحجة هي (أبو القاسم) كما يقول خاتم الأنبياء “اسمه اسمي وكنيته كنيتي”.
● نحن مأمورون أن نتحدّث عن إمام زماننا في زمان غيبته بوصف (الحجّة بن الحسن) وفي زمان ظهوره بـ(بقية الله).. يُمكن أن نُخاطبه في زمان الغيبة أيضاً ببقية الله، ولكن هذه هي الأصول في الأدب والتعامل مع الإمام.
جئت به الأمثلة كي أُذكّر المُشاهدين والمُتابعين حينما سأُورد لهم معانٍ عن مضامين الصلاة لم يكونوا قد سمعوا بها، أقول لهم: إنّكم أبسط الأمور لا تعرفونها مثل هذه الأمثلة.. فلا تستغربوا لأنّ هناك من التفاصيل التي سأطرحها قد تجدونها غريبة جدّاً!
عرضت على قناة القمر الفضائية يوم الجمعة :
2016/12/30م ــ 30 ربيع الاول 1438

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.