بحث مخصّص

لا زلنا في مجموعة حلقات (لبيّكِ يا فاطمة)، وهو عنواننا المُتقدّم والحاضر والّلاحق في الحلقات الآتية.
تعرضتُ في الحلقة الماضية إلى أنّ مجموعةً كبيرةً مِن علمائنا ومراجعنا حِين يواجهون هذه المُحاورة فإنّهم يفرّون منها على أساس أنّها ضعيفة السند! وكذلك أشرتُ إلى مثال آخر من علمائنا ومراجعنا الذين تطرّقوا في أبحاثهم عن الموضوع إلى كلّ صغيرةٍ وكبيرة، ولكنّهم أغمضوا الطرف عن هذه المُحاورة.. والقضية واضحة وهي عدم الوضوح وعدم الفهم الصحيح لِمعاريض كلامهم صلوات الله عليهم.. وأعطيتُ مثالاً لذلك كتاب [فدك في التأريخ] للسيّد محمّد باقر الصدر.
❂ نموذج آخر لمرجع مُعاصر مِن المراجع الذين فرّوا مِن مُحاورة الزهراء مع سيّد الأوصياء، هو: الشيخ مُحمّد السند.
(وقفة عند كتابه [أمّ مقاماتِ فاطمة الزهراء في الكتاب والسنة].. مجموعة أبحاثهِ المُقرّرة تحت هذا العنوان).
كتاب جميل مرّ الحديث عنه لم يتطرّق الكتاب إلى الخطبة الشهيرة، والتي تأتي المُحاورة التي نحن بصددها لاحقة لها!
■ هذا الجواب نفسه [الذي أجاب به الشيخ محمّد السند] أجاب به مركز الأبحاث العقائدية التابع لمرجعية السيّد السيستاني.
(فإنّ الّلجان والجهات التي تُجيب عن الأسئلة في هذا المركز مُنضبطة ضِمن قواعد، وضِمن أصول، وضِمن ثوابت، شُخصّتْ لها مِن قِبل مرجعية السيّد السيستاني) فالأجوبة تأتي وفقاً لذوق ومذاق مرجعية السيّد السيستاني.
● جاء في آخر الجواب: (وخلاصته أنّ ما فعلته الزهراء كان بإسلوب (إيّاكِ أعني واسمعي يا جارة) كما ورد في القرآن مِن عتاب لرسول الله وحاشاه – أي رسول الله – مِن العتاب وإنّما المعنيُّ كان غيره..).
❂ وقفة عند كتاب [الهجوم على بيت فاطمة] لمؤلّفه الذي وضع له اسْماً مُستعاراً (عبد الزهراء مهدي) كما مرّ في الحلقات السابقة.
لمّا وصل إلى هذه المُحاورة في صفحة 408 ذكر المُحاورة، ولكنّه قطعها بحيث أنّه لم يذكر الكلام بتمامه! فقط قال:
❂ وقفة عند كتاب [وفاة الصدّيقة الزهراء] للسيّد عبد الرزّاق المُقرّم. نقل الكلام كاملاً مِن دون تعليق حتّى أنّه لم يُبيّن المعاني الّلغوية كعادته! ولكنّه هنا ذكر النص كاملاً فقط!
❂ وقفة عند كتاب [فاطمة الزهراء بهجة قلب المُصطفى] للشيخ أحمد الرحماني الهمداني، المؤلّف ذكر المُحاورة في صفحة 362 ثُمّ بعد ذلك نقل في الحاشية ما جاء مِن كلام مذكور في [بحار الأنوار]. ذكر المُحاورة كاملة ولم يُعلّق بشيء!
● مِن جملة الأشياء التي ذكرها السيّد المرتضى حين علّق على عبارة (عذيري الله منه عادياً ومنك حامياً) قال: أي عُذري في سوء الأدب أنّك قصّرتَ في إعانتي والذبّ عنّي! يعني كأنّ الزهراء تقول: أنّني أسأتُ الأدب معك يا أمير المؤمنين! ولكن عندي عُذر وهو أنّك قصّرت في إعانتي وحمايتي ولذلك أنا قصرّت في الأدب معك.
❂ وقفة عند ما قاله الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء في كتابه [جنّة المأوى] بخصوص هذه المُحاورة.. يقول:
(وكلماتها مع أمير المؤمنين ألقتها بعد رجوعها من المسجد، وكانتْ ثائرة مُتأثرة أشدّ التّأثر حتّى خرجتْ عن حدود الآداب الّتي لم تخرج مِن حظيرتها مُدّة عمرها، فقالت له: يابن أبي طالب افترستَ الذئاب، وافترشتَ التُراب…)!!!
● الذين يُرقّعون إمّا هم مرضى بدودة السقيفة (التي لا تتحرّك حتّى ينبشها إبليس).. وإمّا حقيقةً هم يقبلون بهذه الأفكار السيّئة ولكنّهم يُريدون أن يُغطّوها بطريقة وبأخرى!
❂ وقفة عند [بحار الأنوار: ج29] وهو أوّل المجلّدات التي حرّمتْ المرجعية الشيعية العليا في قم طباعتها.. 6 أجزاء حرّم السيّد البروجردي على أصحاب المطبعة أن يطبعوها، وهي الأجزاء التي تشتمل على ظلامة عليّ وفاطمة صلوات الله عليهما وآلهما.
❂ أمّا في كتاب [عوالم العلوم] – الجزء 2 من عوالم الزهراء لم يُضف المؤلّف شيئاً جديداً.. نقل كلام الشيخ المجلسي الذي قرأتهُ عليكم، ونقل بعد ذلك كلام السيّد المرتضى الذي أشار فيه إلى سوء الأدب في كلامها صلوات الله عليها، ولم يُعلّق عليه!
❂ هناك إجابة نُقلت عن السيّد جعفر مُرتضى العاملي وهي موجودة على الانترنت.. السيّد جعفر مُرتضى العاملي يقول في كلامه أنّ هناك همزة استفهام في خطاب الزهراء عليها السلام لسيّد الأوصياء في المُحاورة.. فكأنّها تقول لسيّد الأوصياء:
(يا بن أبي طالب هل شتملتَ شملة الجنين؟ وقعدتَ حُجرة الظنين؟ ونقضتَ قادمة الأجدل؟…)
✤ هناك ظاهرة واضحة موجودة بين علماء الدين وهي ظاهرة (صناعة الأجوبة). صناعة الأجوبة يعتبرها موهبة.. وأنا أقول هذه مجهلة!
❂ وقفة عند كتاب [من فقه الزهراء : ج5] للمرجع الراحل السّيد محمّد الشيرازي..
تحت عنوان: فلسفة الحوار، يشرح السيّد الشيرازي خطبة الزهراء، وهو يُريد أن ينفي الشبهة الحاصلة في الأذهان أنّ الزهراء كيف تُخاطب سيّد الأوصياء بها الخطاب
وهو كلام غير واضح.. فهو مِن الجهة العقائدية صحيح، ولكن بحسب الواقع الموجود هناك تعنيف في الخطاب وليس عتاباً فقط!
فهو يقول أنّ الزهراء لم تُعاتب وإنّما أرادتْ أن تتحدّث عن الواقع بأسلوب غير الأسلوب المُجرّد! كأنّها تُريد أن تتحدّث بطريقة فنيّة تمثيلية حوارية! ثُمّ إنّ السيّد الشيرازي يقول (مُضافاً إلى أنّه كان مِن الّلازم أن يعرف الناس سبب صبر الإمام) فهل عرف الناس سبب صبر الإمام مِن هذه المُحاورة؟! هذا نوع مِن صناعة الأجوبة أيضاً. الإمام عليه السلام قال في المحاورة (فما ونيتُ أي ضعفتُ- عن دِيني، ولا أخطأتُ مقدوري) فأين هو سبب صبر الإمام في هذه المُحاورة؟!
لماذا لا يعترف علماؤنا بعجزهم، ويقولون بأنّهم لا يعرفون الإجابة؟!
✤ أنا أقول للمُشاهدين الذين يُكذّبون حديثي:
عودوا بأنفسكم إلى هذه الكتب التي عرضتها بين أيديكم مِن المكتبة الشيعية واقرؤوها بأنفسكم.. وإذا فهمتم منها شيء (خابروني)!
عُرضت على قناة القمر الفضائية يوم الخميس
25/8/2016م ــ 21 ذى القعدة 1437

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.