من الآية 94 وإلى الآية 102 الآيات تتحدّث عن مجموعة أو عن جانب من السُنن الكونيّة التي تحكمُ هذه الحياة.
في الآية 94 {وما أرسلنا في قرية من نبيّ إلّا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلّهم يضرّعون}. تقدّم الحديث فيما تقدّم من سورة الأعراف في قصّة أبينا آدم، وبعد ذلك تناولتْ سُورة الأعراف قَصص مجموعة من الأنبياء: نوح، هود، صالح، لوط، وشُعيب.
ومرّ الحديث في تفاصيل الوقائع السابقة وكيف كانتْ دعوة هؤلاء الأنبياء الذين ذُكِروا وكيف كانتْ استجابةُ أقوامهم وماذا حلّ بأقوامهم بعد ذلك.. مع أنّ البعض منهم كنوح النبي استمرّ في دعوته مئات طويلة جدّاً من السنين.
{وما أرسلنا في قرية من نبيّ إلّا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلّهم يضرعون} هذا القانون سنجده مُنطبقاً بالكامل وبشكل واضح فيما يأتي من قصص بني إسرائيل مع الفراعنة الأقباط.
{ثمّ بدّلنا مكان السيّئة الحسنة حتّى عفوا وقالوا قد مسَّ آباءَنا الضراءُ والسرّاء }
{حتّى عفوا} أي حتّى كثروا، والكثرة علامة للرخاء، وعلامةٌ للغنى، وعلامة للراحة والقوّة.
{فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون} هنا قد استحقّوا عذاباً، ولكن جاءهم العذابُ بغتة.
من حديث أمير المؤمنين: (ولو أنّ الأمّة مُنذ قبضَ الله نبيّه اتّبعوني وأطاعوني لأكلوا مِن فوقهم ومن تحت أرجلهم رَغَداً إلى يوم القيامة).
{أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسُنا ضحىً وهم يلعبون}
● أليس في الروايات ما مِن مجلس يجلسه الإنسان ويكون هذا المجلس خليّاً من ذكر عليّ وآل عليّ (في أفق الولاية، في أُفق البراءة، في سائر شؤوناتهم التي ترتبط بهم وبأشياعهم المُخلصين..)، إذا كانتْ هذهِ المجالس خليّة من هذه المضامين فإنّها ستكون وبالاً على الإنسان في يوم القيامة
الدُنيا فيها خطّان:
• الخط الأوّل: خطٌ يستطيع الإنسان أن يسير فيه (يأكل، يشرب، يتنعّم، يتلذّذ، يُعمّر الأرض، يبني القصور، يُؤسّس العروش للعدالة والحقّ..).
• والخط الثاني: يُمكن للإنسان أن يسير فيه، وأن يأكل وأن يشرب وأن يبني وأن يحكم ولكن هذا سيكون وبالاً عليه لأنّه ليس مُرتبطاً بإمام زماننا.
{أفأمنوا مكْر الله فلا يأمن مكْر الله إلّا القوم الخاسرون}.
{مكر الله} هي القوانين التي يتعامل فيها مع البشر.
{أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها – من بعد أولئك الأقوام الذين جرى عليهم ما جرى – أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون}.
{ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون} أي لا يُميزون بعد ذلك بين الحقّ والباطل! لا يُميّزون بين ناصحهم وفاضحهم، لا يُميّزون بين مَن يُريد أن يضحك عليهم، وبين مَن يُريد أن يجعلهم يضحكون في عاقبة الأمر!
{تلك القرى نقصُّ عليكَ من أنبائها ولقد جاءتهم رُسُلهم بالبيّنات فما كانوا ليُؤمنوا بما كذّبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين}
{جاءتهم رُسُلهم بالبيّنات} البيّنات: الحقائق الواضحة (علماً، فهماً، استدلالاً، تنظيماً، تكاملاً..)
{فما كانوا ليُؤمنوا بما كذّبوا من قبل} الروايات تُحدّثنا بما كذّبوا به من قبل في عالم الذرّ الأوّل.
في الآية 103 من سورة الأعراف سنبدأ مع قصص بني إسرائيل.. والقرآن الكريم اهتمّ كثيراً بقصص بني إسرائيل، والسرّ في ذلك هو تكليفهم بنحو مُباشر ومؤكّد بنبوّة نبيّنا وولاية عليّ والأئمة من بعده – كما بيّنت ذلك أحاديث العترة –
{وقال موسى يا فرعون إنّي رسولٌ من ربّ العالمين* حقيقٌ على أن لا أقول على الله إلّا الحقّ قد جئتكم ببيّنة مِن ربّكم فأرسل معيَ بني إسرائيل* قال إنْ كنتَ جئت بآية فأتِ بها إنْ كنتَ من الصادقين* فألقى عصاهُ فإذا هي ثُعبانٌ مبين* ونزع يدهُ فإذا هي بيضاء للناظرين}
هذه الآيات تختصرّ قصّةً وحكاية طويلة.
أنّ ذلك الكائن الشبيه بالحيّة فُتح هكذا بشكل مُخيف وشُقّ إلى شقّين:
• الشق الأعلى عند مجلس فرعون، عند نهاية القبّة التي ترتفعُ 80 ذراعاً.
• والشقّ الثاني عند الأرض.
ورأى فرعون النيران تستعر فيما بين الشعبتين فتكادُ النيران أن تلتهمه! فصرخ فرعون صراخ الخائفين مُرتعباً: خُذها يا موسى!
وقد أصيب بإسهال حاد مُفاجىء!
{ثمّ بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئهِ فظلموا بها فانظرْ كيف كان عاقبة المُفسدين* وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين* حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل* قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين* فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين* ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين}
{ونزع يده}
{قال الملأ من قوم فرعون إنَّ هذا لساحرٌ عليم* يُريد أن يُخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون}
■ {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإنْ تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون}
إذا جاءتهم الحسنة هم يستمتعون بها ويقولون نحن أصحابها ونحن أحقّ بها ونحن نستحقّ ذلك.. وإذا ما طرأ عليهم طارئ يُنغّص حياتهم يطّيرون بموسى ومن معه، يقولون: هذا الذي جاءنا من شُؤم موسى وقومه الذين آمنوا به.. فجعلوا موسى علامة للشؤم، وأخذوا يُعلّقون آثار سيّئاتهم وشُؤمهم على موسى!
عرضت على قناة القمر الفضائية
الاربعاء : 3 شوال 1438هـ عيد الفطر المبارك 28/6/2017م
أضف تعليقك