استعراضٌ لِمُجمل معاني سورة الأعراف.
■ {ويا آدمُ اسكنْ أنتَ وزوجكَ – أي أُمّنا حوّاء – الجنّة فكُلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}
قولهِ تعالى: {وزوجكَ}أي أُمّنا حوّاء، الزوجُ في العربية استعمالها أبلغُ وأفصحُ مِن الزوجة.
■ إذا رجعنا إلى دقيق ثقافة آل مُحمّد سنجد أنّ مُصطلح (المؤمن) هو اسمٌ من أسمائهِ تعالى خصّه تعالى بــ(عليّ) وإنّما مُنِح لأشياعهِ ومُحبّيه عِبر التأريخ.. فإنّ عليّاً كان مع كُلّ الأمم (كُنت مع الأنبياء باطناً).
● {فكُلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة}. ما جاء في الروايات مِن أنّ هذه الشجرة هي شجرة الحنطة، هذه صورةٌ للشجرة التي هي في حقيقتها شجرة العلم، والتي عُبّر عنها في رواياتٍ أُخرى بـ”شجرة الحسد”.
● الباري تعالى أعطى لأبينا آدم وأُمّنا حوّاء حُريّةً كاملة.. فقط تُقيّد هذه الحُريّة عند هذه الشجرة..
كُل الأشجار أنتم أحرار في التعامل معها، ولكنّ هذه الشجرة لها خُصوصيّة.
● {فتكونا من الظالمين}. مرّت الآيات الأولى مِن سُورة الأعراف وهي تتحدّث عن ظُلم، وقلتُ في حينها: أنّ الظلم الذي تتحدّث عن آيات الكتاب الكريم حين يُنسَب إلى الله هو ظُلم أوليائه، فظُلمُ أوليائه يُنسبُ إليه.. لأنّ الظُلم لا يَصِل إلى الله.
{فتكونا من الظالمين} إنّه ظُلمٌ لأنفسهم، وهو ظُلمٌ لأولياء الله (لأصل الشجرة) وهو ظُلمٌ لله تعالى لأنّ الله تعالى ينسبُ ظُلْمَ أوليائهِ إليه.
■ {فوسوسَ لهُما الشيطان ليُبدي لهما ما وُوريَ عنهما مِن سَوآتهما وقال ما نَهاكما ربُّكما عن هذهِ الشجرة إلّا أن تكونا مَلكينِ أو تكونا مِن الخالدين}.
● هذه الآية {فوسوسَ لهُما الشيطان…} تتحدّث عن مسألةٍ مُهمّة جدّاً..!
فحين كانا في الجنّة ما كانا يَحتاجانِ إلى الشهوةِ الجنسية وإلى الأجهزة التناسلية، ولكن بعد أن أكلا مِن الشجرة تكاملا جِنسياً في الخلقةِ استعداداً في النزول إلى الأرض..!
● {فوسوس لهما الشيطان ليُبدي لهما ما وُوريَ عنهما مِن سَوآتهما}
وقفة عند حديث الإمام الصادق “عليه السلام” في [تفسير البرهان : ج3] في معنى هذه الآية (كانت سَوآتهما لا تبدو لهما فبدتْ، يعني كانت مِن داخل) يعني أنّ الأعضاء التناسلية ما كانت موجودة.. كانت داخلية، كما يقول الإمام.
ولكن الطبيعة الفسلجية التناسلية لأجسامهما كانت مُهيّأةً.
● { وطَفِقَا يَخْصِفان عَليهما مِن وَرَقِ الجنّة} طَفِقا: أي بادرا وأسرعا، أحسّا بالسُوء الذي طرأ عليهما، ومعنى يخصفان: أي يُلصقان ورق الجنّة بعضه مع البعض الآخر كي يسترانِ أنفُسهما وما بدا من سوآتِهما.
● {اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ ولكم في الأرض مُستقرٌّ ومتاع إلى حين} الذين هبطوا إلى الأرض (أبونا آدم، أُمّنا حوّاء، وإبليس)
● {و إذْ قالَ ربُّك للملائكة إنّي جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا أتجعلُ فيها مَن يُفْسِدُ فيها ويسفِكُ الدماء ونحنُ نُسبّح بحمدكَ ونُقدّس لكَ قال إنّي أعلمُ ما لا تعلمون}.
■ {وعلم آدم الأسماء كلّها} ليس المقصود من “الأسماء” هنا الألفاظ.. فليس فضلُ آدم على الملائكة أن يحفظ ألفاظ كما يتصوّر البعض، فهذا تصوّر ساذج. تعبير الأسماء هُنا هو (مُصطلح) الأسماء هُم محمّد وآل محمّد.
محمّدٌ وآل محمّد مَظاهرهم لا تُعدُّ ولا تُحصى.
● الآية تقول: {وعَلَّم آدمَ الأسماء كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُم على المَلائكة فقالَ أنبئوني بأسماءِ هؤلاء إنْ كُنتم صادقين} الأسماء مُؤنّثة لفظاً، ولهذا قالتْ الآية {كُلَّها} ولم تقل {كُلّهم} بجمع الذكور.. هذه المظاهر التي كانت تُناسب حقيقة أبينا آدم.
■ {فقالَ أنبئوني بأسماءِ هؤلاء إنْ كُنتم صادقين} أي إن كُنتم صادقين في علمكم وتوقّعكم، وإلّا فالملائكة لا يكذبون، ولكنّهم يُمكن أن يجهلوا فعلمُهم محدود.
● {قال يا آدم أنبئهُم بأسمائهم فلما أنبأهُم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إنّي أعلم غيبَ السماوات والأرض وأعلمُ ما تُبدون وما كُنتم تكتمون}
تعبير {وما كُنتم تكتمون} قد تكون إشارة إلى ما يكتمه إبليس في نفسه.
وتستمرّ الآيات إلى الآية 37: {فتلّقى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه إنّه هو التوّاب الرحيم} تَلقّى هذهِ الكلمات حِين هبط إلى الأرض، والكلمات مذكورة في هذا الدعاء: (يا محمود بحقّ أحمد، ويا عالي بحقّ علي، ويا فاطر بحقّ فاطمة، ويا مُحسن بحقّ الحسن، ويا قديم الإحسان بحقّ الحُسين). هذه كلماتُ أبينا آدم التي تاب الله عليه بها.
✤ مرور سريع على آياتٍ من سورة طه تناولتْ قِصّة أبينا آدم وأمّنا حواء كي تكون الصورة واضحة بين أيديكم.
● {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما}. مُشكلة الإنسان مع آل محمّد في هذين الأمرين:
● الأوّل: النسيان.
● الثاني: ضعف الهمّة.
ولِذا الإمام في رسالتهِ للشيخ المفيد يقول: (إنّا غيرُ مهملين لِمراعاتكم، ولا ناسين لِذكركم) لأنّ الشيعة ناسية.. لأنّنا مُهملون.
● {فنسي ولم نجد له عزما} هذا جُزء من التكوين البشري.
● {فلا يُخرجنّكما مِن الجنّة فتشقى}.
✤ في سورة ص في الآية 73 وما بعدها: {فسجدَ الملائكةُ كُلّهم أجمعون* إلّا إبليسَ استكبرَ وكان مِن الكافرين* قال يا إبليسُ ما منعكَ أن تسجدَ لِما خلقتُ بيديّ أستكبرتَ أم كُنتَ مِن العالين}
● هؤلاء العالون الذين يتجلّى ذكرهم ودينهم وقرآنهم في ذاتٍ عليّةٍ عالية عنوانها (عليّ) وقصّة آدم تدور حول عليّ.. هذا عهْدُ الولاية العَلوية..{ولقد عهدنا إلى آدم…}.
فهؤلاء العالون الخالدون هم الذين يمنحون الخلود لنا.. عليٌ هو الذي يُدخِلُ أهل الجنّة في الجنان ويقول لهم “خلودٌ خلود”، ويُدخِل أهل النار في النار ويقول لهما “خلودٌ خُلود”.. فالخلود الحقيقي هو لِمحمّد وآل محمّد “صلواتُ الله عليهم”.
عرضت على قناة القمر الفضائية:
الثلاثاء : 10 شهر رمضان 1438هـ الموافق : 6/6/2017م
أضف تعليقك