بحث مخصّص

رسالة مِن أحد المشايخ من عمان يقول فيها: بأنّني قد تَحدّثتُ في برامج سابقة وانتقدتُ الشيخ الوائلي لِما قاله مِن أنّ دماء الحُسين نجسة.. فهو يقول: وما ذنب الشيخ الوائلي إذا كان مَراجع الشيعة طُرّاً يقولون بنجاسة دم المعصوم. أنّ المُشكلة عند المراجع.
الجزء الأوّل مِن الجواب:
اشتملَ على عرض مَقطع صوتي للشيخ الوائلي يتحدّث فيه عن نجاسة دَم سيّد الشُهداء الذي سُفِكَ في دماء الغاضرية..! (وبعد ذلك جاء تعليق سماحة الشيخ على كلام الشيخ الوائلي بشأن نجاسة دم سيّد الشهداء، وما يقولهُ مَراجعنا بشأن نجاسة دم المعصوم سواء كان في الحالة العادية وحتّى في الحالة الإعجازية)
■ أمّا حديث الشيخ فيما يرتبط بثقافة المسجد والمساجد في ثقافة الكتاب والعترة، فمِمّا جاء فيه:
سؤالٌ يأتي هنا: ما علاقة المَسجد والمَساجد بالحديث عن الدماء..؟!
الجواب عن هذا السؤال نجده في [الكافي الشريف: ج3] تحت عنوان: بناء المساجد وما يُؤخذ منها.
(عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه، قال: قلتُ لأبي عبدالله، إنّي لأكره الصلاة في مساجدهم – أي المُخالفين – فقال : لا تكره، فما مِن مسجد بُني إلّا على قَبر نبي أو وصيّ نبيّ قُتِل فأصاب تِلك البُقعةَ رَشْةٌ مِن دمهِ فأحبّ اللهُ أن يُذكَر فيها فأدّي فيها الفريضة والنوافل واقضِ فيها ما فاتك) في المكان
■ هناك نقطتان:
● الأولى: بخصوص المساجد التي يُريدها الله.. هل أنّ الله تعالى يُحبّ أن يُذكَر في أيّ مَسجدٍ يُبنى..؟! هناك مساجد وُصِفتْ بأنّها ضرار .. أحدُ المساجد التي بناها المُنافقون في زمان النبي.. رسول الله أمر بإحراق هذا المسجد وجعلهِ مَزبلة تُلقى فيها جِيف الحيوانات!
✤ وقفة عند قضيّة مهمّة جدّاً وهي جزء من ثقافتنا المسجدية:
الآن الشيعة والتثقيف الشيعي حين يذهبون إلى المَدينة المُنوّرة يتسابقون إلى الروضة في المسجد النبوي الشريف (ما بين قبري ومِنبري رَوضةٌ مِن رياض الجنّة). هذا المعنى صحيح.. مسجدُ رسول الله كُلّه روضةٌ مِن رياض الجنّة.. كُلّ ما يَرتبطُ بِرسول الله جِنانٌ في جِنان في جنان.
ولكن لماذا كُل الاهتمام بِهذه القضيّة..؟ الجواب: لأنّ المُخالفين يهتمّون بها أيضاً..! الشيء الذي يهتمُّ بهِ أهل البيت تركوه في مَسجد النبي!
رواية: (عن جميل بن دراج قال، قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: الصلاةُ في بيتِ فاطمة مثل الصلاة في الروضة؟ قال عليه السلام: وأفضل).
جاء التعبير في الروايات بـ(بيت فاطمة) لأنّ الأئمة صلواتُ اللهِ عليهم كانوا يُسمونه بيت فاطمة؛ لأنّ دم فاطمة سال هُنا.. ولكن ماذا نقول لمراجعنا الذين يُنكرون أساساً ظُلامة فاطمة؟ فيقولون أنّ القوم حاولوا فقط إحراق مَنزل فاطمة وما فعلوا…!!!
فبيتُ فاطمة وهو بيتُ عليّ، وهو الأفضلُ في الطقوس والعبادة كما يقول إمامنا الصادق.. فأين هذا من ثقافتنا الشيعية..؟!
(وقفة عند ما يقوله الأئمة بهذا الخصوص)
رواية عن إمامنا الباقر أيضاً في [كامل الزيارات]:
(خَلقَ اللهُ تباركَ وتعالى كربلاء قبْل أن يخلقَ الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وقدَّسها وبارَك عليها، فما زالَتْ قبل أن يخلق اللهِ الخَلْق مُقدَّسةً مُباركةً، ولا تزالُ كذلك، ويَجعلها أفضلَ أرْضٍ في الجَنَّة وأفضلَ منزلٍ ومسكن يُسْكن اللهُ فيهِ أولياءه في الجنّة)
وتقدّم الكلام في معنى الآية 29 من سورة الأعراف، قولهِ تعالى: {وأقيموا وجوهكم عند كلّ مَسجد} قال الإمام الصادق عليه السلام: يعني الأئمة).
في الآية 31 من سورة الأعراف: {خذوا زينتكم عند كلّ مسجد} قال الإمام الصادق عليه السلام: الغُسُل عند لِقاء كُلّ إمام)
● عن إمامنا الكاظم عليه السلام: (في قوله: {وأنّ المساجدَ للهِ فلا تدعوا مع الله أحدا} قال: هم الأوصياء).
✤ عرض نماذج سريعة لأحاديث أهل البيت تدور حول هذا المضمون: أنّ المسجد الحقيقي هو الإمام المعصوم.
● وقفة عند ما جاء في سورة سبأ في الآية 18: {وجعلنا بينهم وبين القُرى التي باركنا فيها قُرىً ظاهرة وقدّرنا فيها السَير سِيروا فيها ليالي وأيّاماً آمنين}) عن زيد الشحّام، قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (عليه السلام) فقال:
(يا قتادة أنتَ فقيه أهل البصرة؟ فقال: هكذا يزعمون. فقال أبو جعفر عليه السلام: بلغني أنّك تُفسّر القرآن؟ فقال له قتادة: نعم. فقال له أبو جعفر: بعلْم تُفسّره أم بجهل؟ قال: لا، بعلم. فقال له أبو جعفر: فإنْ كُنتَ تفسّره بعلم فأنتَ أنتَ وأنا أسألك. قال قتادة: سلْ، قال: أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ في سبأ: {وقدّرنا فيها السَير سِيروا فيها ليالي وأيّاماً آمنين} فقال قتادة: ذلكَ مَن خرج من بيته بزادٍ حلالٍ وراحلة وكراء حلالٍ يُريد هذا البيت كان آمناً حتّى يرجع إلى أهله،
فقال أبو جعفر: نشدتك اللّه يا قتادة، هل تعلم أنّه قد يخرج الرجل مِن بيته بزادٍ حلالٍ وراحلة وكراء حلالٍ يُريد هذا البيت فيُقطع عليه الطريق فتذهب نفقتهُ و يضرب مع ذلك ضربةً فيها اجتياحه – أي هلاكه -؟ قال قتادة: اللّهمّ نعم، فقال أبو جعفر: ويحك يا قتادة إنْ كنت إنّما فسّرت القرآن مِن تلقاء نفسك فقد هلكتَ و أهلكت، وإن كنتَ قد أخذتهُ من الرجال فقد هلكتَ و أهلكت، ويحكَ يا قتادة، ذلك مَن خرج من بيتهِ بزادٍ و راحلة و كِراء حلالٍ يَروم هذا البيت عَارفاً بحقّنا يَهوانا قلبهُ كما قال اللّه عزّ و جلّ: {فاجعلْ أفئدةً مِن الناس تَهوي إليهم} ولم يعنِ البيت فيقول: إليه، فنحنُ واللّهِ دعوةُ إبراهيم التي مَن هَوانا قلبهُ قُبلتْ حَجَّتهُ وإلّا فلا. يا قتادة فإنْ كان كذلك كان آمناً من عذاب جهنّم يوم القيامة، قال قتادة: لا جرمَ واللّه لا فسّرتها إلّا هكذا، فقال أبو جعفر: إنّما يعرف القُرآن مَن خُوطب به).

عرضت على قناة القمر الفضائية
الاربعاء : 18 شهر رمضان 14388هـ – الموافق : 2017 / 6 / 14

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.