الجدل لم يكنْ يوماً مِن الأيّام سبيلاً للهداية، وأهلُ البيت “عليهم السَّلام” لم يستعملوا الجدل لهداية النّاس إلَّا اضطراراً.. لأنّ الجدل في حقيقته عناد فكري لا يقود إلى الحقيقة..ومِن هنا أمرَ الأئمة بعْض أصحابهم أن يتعلّموا ما يُسمّى بـ (علم الكلام)؛ حتَّى لا يُقال أنّ أصحابَ الأئمة لا يُحسنونَ الدّفاع عن عقائدهم.
المشكلة في الواقع الشيعي .. أنَّ هذا الجدل (ما يُسمَّى بعلم الكلام) تحوّل إلى مصدر لعقائدنا ..!
نصيحتي أن لا تتّجهوا إلى الجَدَل ، لأنَّه لا يُوصل إلى الحقائق، ولكن لو اضطّر إليه الإنسان فليكن الحوار هادئاً ناعماً.
مُقدّمة كتاب (توحيد المفضّل) هي حوار بين المُفضّل بن عُمر وبين أحد الدّهريين (الملاحدة) ..
يتبيّن منهُ منهج أهل البيت “عليهم السَّلام” في الجدال، وأنّ الإنسان إذا اضطرّ للجدال فلتُعرض الأفكار بأسلوب هادىء وواضح ومِن دُون تجريح للآخر، فلربّما يُثير (الحوار الهادئ) في نفوس الآخرين أموراً تدفعهم للتّفكّر، أو على الأقل يُضعِف مِن حِدّة العناد ، أو مِن شدّة وطأة الآخر عليكم.
“سُورة الأحزاب” فقط .. فإنّها تكفينا لاستخراج الحقّ والحقيقة..
سُورة الأحزاب تحدّثتْ عن ثلاث مجموعات: الصّحابة، أزواج النّبي، أهل البيت
هل كانتْ هذه المجموعات الثَّلاثة مُتوافقة فيما بينها ..؟!
آيات القرآن الكريم، تُبيّن بشكلٍ واضح أحوال الصّحابة: أنّهم كانوا بشر عاديين يُخطئون ويُصيبون، وأنّهم في غاية الضّعف والانهزام والجُبن.. والرّعب يملأ قلوبهم وتُبيّن الخلل العقائدي عندهم في تكذيبهم لرسولِ الله ، وفي الكذبِ على رسولِ الله ، وفي إساءة الأدب مع رسول الله “صلَّى الله عليه وآله”
جُملة من أحاديث (صحيح البخاري) تُبيّن أيضاً أحوال كبّار الصَّحابة، وأوصافهم: أنّهم لا يعقلون ، وأنّهم كانوا يُسيؤون الأدب مع رسول الله حتَّى نزل فيهم قُرآن، وأنّهم يرفعون أصواتهم فوق صوت النّبي، وأنّهم أصحاب خوف ذريع وفرار في واقعة الخندق، وأحد ، وحُنين ، وخيبر..
كيف تحدّث القرآن الكريم عن أزواج النّبي ..؟! هل لأزواج النّبي ميزة (ذاتية) عن بقية النّساء..؟
كلا المجموعتين (الصّحابة ونساء النّبي) لا يملكون ميزات (ذاتية) تُميّزهم عن غيرهم .. ونساء النّبي هُنّ مِن المُستوى الّذي عليه الصَّحابة..
جولة أُخرى في آيات الكتاب الكريم ، وأحاديث صحيح البُخاري تُبيّن لنا كيف تحدّث القرآن عن أهل البيت “عليهم السَّلام”..
الآيات في سُورة التّحريم خطيرة جدّاً .. وهي تتحدّث عن اثنتين من أزواج النّبي زاغت قلوبهما عن الحقّ، وأنّهما تظاهرا على رسول الله “صلَّى الله عليه وآله”..
أيُّ نوعٍ من العداء كان عندَ هاتين الاثنتين من أزواج النّبي بحيث يكون في مُقابل هذا العِداء هذه القوّة (فإنّ الله هو مولاهُ وجبريل وصالحُ المُؤمنين .. والملائكة بعد ذلك ظهير)..؟!
هل مِن المنطقي أن تُحشَد كُل هذه القُوّة في مواجهة عداء وقضيّة عائليّة..؟!
من خلال التّأمل في آيات الكتاب الكريم، وأحاديث البخاري يتبيّن أنه لا مُقايسة بين الصّحابة ونساء النبي وبين أهل البيت.
الحوار الهادف لابُدّ أن ينطلق مِن إنصاف الخصم، سواء في المُستوى الَّلفظي أو في المعلومات المطروحة .. فإذا أردتَ أن تُحاور الآخر هُناك أدبيات للحوار..
الاحـــد : 16 شوال 1436
الموافق : 2 / 8 / 2015
أضف تعليقك